موسوعة المحتوى الإسلامي المترجم

الغاية من الخلق - 1

الغاية من الحياة *

(وجود الخالق)

يتساءل الإنسان في رحلته العقلية عن أصل الكون ومنشئه:

من خلق السماوات والأرض وما فيهما من المخلوقات؟

كيف ينتظم ويستقر هذا الكون العظيم بقوانينه التي تضبطه ضبطاً دقيقاً على مر السنين؟

هل خَلَقَ هذا الكون نفسه؟ أم جاء من لا شيء؟ أم وجد بالصدفة؟

من خلقك أيها الإنسان؟

لو نظرت إلى جسدك تحت المجهر، لرأيت عالماً من الدقة والإعجاز فكل خلية في جسدك تحمل في طياتها معلومات وراثية شفراتها معقدة. هل سألت نفسك من كتب هذه الشفرات؟ ومن وضعها في مكانها الصحيح؟

كل بناء شاهق، وكل بيت متواضع، يحكي قصة صانعه؛ هل يعقل أن يوجد هذا الكون الفسيح بجماله ودقته وانضباط تفاصيله بلا صانع؟!

أيها الإنسان كما لا يقبل عقلك أن يقال لك: إن هاتفا ذكيا متقن الصنع ظهر فجأة بلا مصمم ولا صانع، أو أن شبكة معقدة من الأجهزة تعمل بتناغم ودقة بلا مبرمج أو مشرف، فكذلك لا يقبل العقل الصحيح أن يقال له: إن هذا الكون العظيم بكل ما فيه من نظام وإبداع وقوانين دقيقة ونظام متقن قد وجد بلا خالق؟!

وتأتي الآية القرآنية واضحة لتوجيه العقل نحو التأمل العميق في هذا السؤال المحوري. يقول الله الخالق سبحانه و تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (الطور: 35)، لتضعنا الآية أمام ثلاث احتمالات عقلية:

1. هل يمكن للكون أن يكون قد وُجد من العدم؟ وهذا مستحيل؛ فالعدم لا يُوجد شيئًا.

2. هل يمكن أن يكون قد خلق نفسه؟ وهذا أيضًا مستحيل؛ فالشيء لا يخلق نفسه.

3. يبقى الاحتمال المنطقي، وهو أن لهذا الكون خالقًا عظيمًا قديرًا.

إن كل قطعة من هذا الكون، من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة، تدل على عظمة خالقها؛ يستحيل عقلاً أن يكون هذا النظام الدقيق قد نشأ من الفوضى. إن العقل يرفض أن يكون هذا الكون نشأ من العدم، أو أن هذا النظام البديع المعقد نتاج صدفة عمياء!